ملتقى الشرق الأوسط لإدارة الأصول
نشر في 15 مايو 2017

تعزيز قطاع إدارة الأصول الإقليمي  2017

ملتقى الشرق الأوسط لإدارة الأصول

فندق الخليج مملكة البحرين
15 مايو 2017

عبد الرحمن الباكر المدير التنفيذي للرقابة على المؤسسات المالية مصرف البحرين المركزي

الضيوف الأعزاء، السيدات والسادة،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إنه لمن دواعي سروري أن أتحدث إليكم اليوم في هذا الحدث الهام في ملتقى الشرق الأوسط السنوي الثاني لإدارة الأصول. وأود هنا أن أشيد بالمنظمين على جهودهم في إعداد برنامج محفِّز والذي لا شك بأن سيُثري الحوار والنقاش حول قطاع إدارة الأصول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وكل أمل بأن تركز العروض التقديمية والمناقشات التي ستجري خلال هذا الحدث على مجالات هامة في مجال إدارة الأصول وأن تقدم تفصيلات هامة من شأنها أن تسهم في زيادة تطوير ونمو الخدمات الإقليمية لإدارة الأصول. كما أود أن أعبر عن ترحيبي الحار بجميع المشاركين والمتحدثين الكرام على منحهم الوقت للمساهمة في هذا الحدث. لقد حقق قطاع إدارة الأصول نمواً هاماً بحيث أصبح قطاعاً متنامياً بشكل متزايد داخل الأسواق المالية الدولية واكتسب اهتماماً كبيراً كنموذجٍ بديل فعال للوساطة المالية. حيث تشير التقديرات بشكل عام إلى أن قطاع إدارة الأصول قد بلغ حوالي 90 تريليون دولار أمريكي في نهاية عام 2016، وهو رقم كبير بلا شك. كما أنه قد حقق نمواً بسرعة كبيرة حيث أن الأصول تحت الإدارة (AUM) قد تضاعفت تقريباً على مدى العقد الماضي. ففي الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، ارتفعت الأصول تحت الإدارة بنحو خمسة أضعاف تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 1946، أي أنها حققت ارتفاعاً من 50٪ إلى ما يقارب 250% من الناتج المحلي الإجمالي. وتكرر الحال في المملكة المتحدة، لكن ذلك قد حدث في فترة زمنية أقل منذ العام 1980. وتتشابه الأنماط في معظم بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (OECD). ويشير كل ذلك بوضوح إلى أنه من المرجح أو يواصل قطاع إدارة الأصول صعوده على مستوى العالم، سواء بشكل مطلق أو بالنسبة للاقتصاد. ومن المتوقع أن ينمو القطاع ليتجاوز الـ 100 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2020. أما في دول مجلس التعاون الخليجي، فقد قدر بأن قطاع إدارة الأصول بلغ ما يقارب الـ 200 مليار دولار أمريكي في نهاية العام 2016. إذ أن هذا المبلغ لا يتضمن الأصول التي يتم إدارتها من قبل صناديق المعاشات والصناديق السيادية. ومع نمو القطاع، ستزداد الفرص لمؤسسات إدارة الأصول لتحقق مزيداً من الحصص السوقية ومن قنوات التوزيع للمستثمرين من الأفراد والشركات في المنطقة على حدٍ سواء. وبشكل عام، من المحتمل أن تكون آفاق نمو قطاع إدارة الأصول في دول مجلس التعاون الخليجي إيجابية، وهو ما يُعزى إلى التوسع السريع والتطور المتزايد في الأسواق المالية في دول مجلس التعاون الخليجي، وإلى تعزيز الأنظمة واللوائح التي تحكم إدارة الأصول وأسواق رأس المال، وإلى نمو ثروة الأفراد من ذوي الأرباح المرتفعة، والنمو الاقتصادي المطرد في المنطقة. أما في البحرين، فقد واصل قطاع إدارة الأصول نموه القوي خلال السنوات الخمس الماضية. فمنذ أن طرح المصرف المركزي رخصة شركات الاستثمار ضمن المجلد الرابع من مجلد التوجيهات في العام 2006، ارتفع عدد رخص شركات الاستثمار ليبلغ 55 شركة حتى الآن. وهو ما يشير بوضوح بأن عدد شركات الاستثمار قد ارتفع من 22 شركة في عام 2006 إلى 55 شركة في نهاية أبريل 2017. وتسمح فئات الترخيص الاستثماري الثلاث للشركات القيام بأي مجموعة من أنشطة إدارة الأصول وذلك وفقا لفئتها أو نشاطها التجاري، مثل الاستثمار في رأس المال أو إدارة الأصول أو إدارة شركة استثمارية جماعية أو القيام بدور الأمين على الأدوات المالية أو تقديم خدمات الوساطة والخدمات الاستشارية بشأن الأدوات المالية للعملاء.
في نهاية الربع الأول من هذا العام، بلغ إجمالي الأصول تحت الإدارة لدى شركات الاستثمار 19.2 مليار دولار أمريكي، بمتوسط نمو 16% سنوي تم تسجيله في السنوات الخمس الماضية. ويعود هذا النمو بشكل أساسي إلى دخول شركات استثمار جديدة إلى السوق والى تقديم منتجات مبتكرة جديدة من قبل شركات الاستثمار الحالية. كما يعتبر قطاع الصناديق الاستثماري أحد القطاعات سريعة النمو في قطاع إدارة الأصول. حيث بلغت قيمة الأصول تحت الإدارة في هذا القطاع 7.5 مليار دولار أمريكي من خلال أكثر من 2،600 صندوق حقق القطاع من خلالها نمواً مطرداً في السنوات الأخيرة. وبوجه عام، هناك 97 صندوق استثماري إسلامي مؤسسة ومسجلة في البحرين بلغ إجمالي الأصول لديها 1.2 مليار دولار أمريكي كما هي في مارس 2017. يشجع مصرف البحرين المركزي، من خلال تشريعاته الداعمة، على تطوير منتجات جديدة للمستثمرين في الأسواق المالية التقليدية والإسلامية، كما يوفر في الوقت نفسه تنظيما موثوقا به في كلا المجالين. ويتيح الإطار التنظيمي الحالي لصناديق الاستثمار الجماعي مجموعة كاملة من الصناديق الاستثمارية التي تلبي مختلف أنواع المستثمرين، من ذوي الثروات الكبيرة والمستثمرين من المؤسسات. ومن اجل تحقيق تعزيز إضافي لهذا الإطار التنظيمي، فقد أصدر مصرف البحرين المركزي المجلد السابع والذي يوفر القواعد واللوائح الشاملة فيما يتعلق بالترخيص والإشراف على صناديق الاستثمار الجماعي المقيمة أو المعروضة للبيع في البحرين. لقد أقرت اللائحة بأهمية توسيع المجالات الرئيسة مثل حوكمة الشركات، بالإضافة إلى دور ومسؤوليات كل طرف ذو علاقة بالنظام. كما وسعت نطاق التنوع في الصناديق التي يمكن تأسيسها في البحرين، من خلال تقديم القواعد التي تنظم عمل عهد الاستثمار العقاري REITs وصناديق الاستثمار الخاصة PIUs. حيث تعتبر صناديق الاستثمار الخاصة نمط جديد من صناديق الاستثمار ذات درجة عالية من المرونة في هيكليتها، والتي تهدف إلى تسهيل الاستثمارات الخاصة، مثل الاستثمارات المملوكة لدى عائلات معينة، أو مستثمرين أفراد أو استثمار فردي. ونظراً لخصائص مخاطر الاستثمار التي قد تظهر، فإن مثل هذا النوع من نظم الاستثمار يمكن أن يتم إطلاقها فقط من قبل الأفراد ذوي الثروات الكبيرة ومن قبل المؤسسات الاستثمارية. وتماشيا مع الدور الريادي للبحرين في مجال التمويل الإسلامي، توفر قواعد صناديق الاستثمار الجماعي أساسا متينا لإنشاء وإدارة الصناديق الاستثمارية التي تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
علاوةً على ذلك، يتضمن الفصل الخاص بالاكتتاب في الأوراق المالية في ضمن مجلد التوجيهات السادس قواعد وتفصيلات تغطي عملية الإصدار، والطرح العام، والتداول والاكتتاب في مختلف أنواع الأوراق المالية بما في ذلك تلك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية مثل الصكوك المقدمة للجمهور أو من خلال الطرح الخاص) في أو من البحرين. كما يتضمن هذا الفصل الإجراءات والوثائق التي يجب تقديمها من قبل الجهة المصدرة لمختلف أنواع الأوراق المالية التي سيتم طرحها للاكتتاب العام أو الخاص كجزء من طلبها المقدم للحصول على موافقة مصرف البحرين المركزي في هذا الخصوص. وبصفة عامة، فإن الحجم المحتمل لقطاع إدارة الأصول واسع، ويعتمد التأسيس السريع للقطاع على اجتذاب تدفقات الأموال المحتملة إلى قطاع إدارة الأصول. ومع ذلك، فإنه من المهم ضمان أن يكون لدى قطاع إدارة الأصول أسس متينة وقوية للتنمية والنمو في المستقبل. ومن أجل تعزيز نمو قطاع إدارة الأصول، هناك عدة عوامل يجب أخذها بعين الاعتبار. أولا، من المهم لمؤسسات إدارة الأصول أن تفهم بشكل أفضل عملاءها واحتياجاتهم من المنتجات والخدمات المالية، لأن هذا الفهم سيساعدها على زيادة توسيع آفاق قطاع إدارة الأصول. وبعبارة أخرى، ينبغي على مدراء الأصول التعامل مع توقعات العملاء بشكل ملائم، حيث أنهم سيواجهون تحديات كبيرة في استمرارية الربحية والنمو في حال عدم القدرة على التعامل معها. وعلاوة على ذلك، ينبغي الاستفادة من قنوات التوزيع بشكل أكثر فعالية لاستهداف فئة جديدة كاملة من المستثمرين ذوي الخبرة في مجال التكنولوجيا، وكثير منهم يوفرون الوصول غير المحدود إلى مزيد من المعلومات المالية والمشورة من خلال أجهزتهم النقالة أكثر مما يمكن الحصول عليه من معظم المستشارين الماليين.
ثانياً، من المهم تبني حوكمة الشركات الملائمة من أجل تعزيز ثقة المستثمرين والتأكد من أن الأسواق عادلة وفعالة وشفافة. ويشمل ذلك الإفصاح الواضح والسليم عن جميع بنود وشروط المنتجات الاستثمارية، فضلاً عن الشفافية في الإفصاح عن المعلومات والمؤشرات المالية. وبما أن المستثمرين أصبحوا يتأثرون بشكل كبير للسعر، وأكثر حنكةً حول التكاليف، ومعايير المقارنة، وإدارة ألفا مقابل بيتا وإدارة المخاطر، فإن شركات إدارة الأصول ستدرك أنها لم تعد قادرة على المنافسة بنجاح من خلال فرض رسوم زائدة على منتجاتها الاستثمارية. ولذلك، ينبغي على شركات الاستثمار العمل على الابتكار، والتعامل بفعالية مع بيئة أسعار الفائدة الثابتة والمتزايدة، والقيام بإعادة تقييم الاستثمار في قنوات التوزيع بشكل تكتيكي، وخلق التميّز وبناء الوعي بالعلامة التجارية من أجل المنافسة بنجاح والمساهمة في زيادة تعزيز هذا القطاع. رابعاً ، الالتزام هو الأساس، حيث أن حقبة جديدة من الالتزام سوف تفرض على الشركات التركيز على إيجاد استراتيجية أعمال متكاملة على نطاق المؤسسة وليس مجرد تقديم حلول تكتيكية قصيرة الأجل. وبالنسبة لشركات إدارة الأصول التي تلبي بفعالية تحديات البيئة التنظيمية المتغيرة، فإن الاستثمار في البنية التحتية وتنفيذ نموذج تشغيل معزز سيوفر فرصا لتعزيز الربحية وضمان النمو. ويعد إنشاء إطار تنظيمي مناسب للمنتجات الاستثمارية عاملاً آخر لزيادة تعزيز قطاع إدارة الأصول. إذ ينبغي أن يؤدي ذلك إلى خلق الإطار اللازم للمنتجات الاستثمارية التي تستهدف المستثمرين الصغار ومتوسطي الحجم بالإضافة إلى المستثمرين المعتمدين. وينبغي أن يفي هذا الإطار التنظيمي أيضا بالمنتجات الاستثمارية واسعة النطاق التي تتضمن حقوق الملكية وصناديق الاستثمار ومنتجات التقاعد وأنواع مختلفة من الاستثمارات. وأخيراً وليس آخراً، من المهم أن يكون هناك عددٌ كافٍ من المهنيين الذين هم على دراية جيدة في سوق رأس المال وخدمات إدارة الأصول وذلك لمواصلة تطوير هذا القطاع. وهذا بدوره سيعزز تطوير المنتجات ويحسن الخدمات المقدمة للمستثمرين في السوق. سيداتي وسادتي، نحن في مصرف البحرين المركزي نعمل على أن نبقى في طليعة قطاع إدارة الأصول ونتطلع إلى العمل بشكل وثيق مع الرياديين في السوق في سبيل تطوير هذا القطاع الهام. شكراً لحسن استماعكم.

Share this
عد إلى الأعلى